بعد 5 أشهر في "تبادل طلابي".. الطالب خليفة: عدت كأني شخص آخر.. أكثر نضجاً ومعرفة
كانت البداية عام 2021، حين اخترت الالتحاق بـ "القدس المفتوحة" لتعلم اللغة الإنجليزية، الجامعة التي وجدت فيها نظاماً تعليمياً يختلف عما هو في سائر الجامعات. هذا النظام الفريد المرن أتاح لي فرصة الجمع بين الدراسة والعمل، إذ لم يكن الحضور الإلزامي عائقًا، كما أن الأقساط المعقولة ساعدتني كثيرًا على الاستمرار دون ضغوط مادية.
منذ مدة طويلة، كان لدي حلم بزيارة إسبانيا، البلد الذي لطالما جذبني بلغته وثقافته وتاريخه العريق. وذات يوم، خلال تصفحي لموقع الجامعة الإلكتروني، برز أمامي إعلان يفيد بمنحة Erasmus+ للتبادل الطلابي إلى جامعة خايين. شعرت حينها أن الحلم يقترب، لكنني سرعان ما أدركت أنني لا أستوفي الشروط: كان معدلي أقل من 80%، ولم أكن قد أكملت 40 ساعة دراسية بعد.
رغم ذلك، لم أعتبرها نهاية الطريق، بل العكس؛ كانت لحظة تحفيز وانطلاق. سأرفع معدلي في الفصل القادم وأكمل الساعات المطلوبة، وهو ما كان. تقدمت للمنحة مرة أخرى… وجاء الرد: "مقبول".
كانت إسبانيا على مسافة بين لحظة الرد ونشوة الوصول؛ خمسة أشهر كانت من أروع فصول حياتي كأني لأول مرة أعرف نفسي. لم تكن التجربة مجرد دراسة في جامعة جديدة، بل حياة كاملة، وتجربة نتعلم فيها يفوق التصور؛ تعرفت على أصدقاء من مختلف أنحاء العالم، هناك تعلّمت أساسيات اللغة الإسبانية بالتوازي مع استكشاف معالم ثقافية وتاريخية لن أنسى علاقتي بها. بل سنحت لي الفرصة لزيارة ألمانيا وهولندا خلال إجازاتي هناك.
لكن الأهم من كل ذلك، أنني عدت بشخصية مختلفة: أكثر ثقة، أكثر نضجًا، وأكثر قدرة على الاعتماد على النفس. تعلّمت كيف أعيش وحدي، كيف أواجه التحديات، وكيف يكون العالم من حولنا كتاباً لا تحده صفحات ولا شاشات إلكترونية.
اليوم، أستعد للتخرج مع بداية السنة الجديدة، أنظر إلى رحلتي وأدرك أن التميز ليس مجرد تفوق أكاديمي، بل قرار، إصرار، مثابرة على تحقيق ما نريد… حتى لو بدا مستحيلاً في البداية.