ليندا دراغمة: الجسد هشّ والإرادة فولاذ!


نشر بتاريخ: 26-04-2016

 تشق الطالبة ليندا كامل دراغمة بخطواتها المتثاقلة وبصوتها الخافت دربها نحو المستقبل، فتطيح بالمرض وتبطل أوجاعه، وتتنفس العلم والأمل. ورغم الأدوات الطبية التي تشاركها حياتها قسراً، ورغم جهاز التنفس الاصطناعي الذي يصر على ملازمتها مدى الحياة، فإنها تحجز مقعدها الدائم في كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بجامعة القدس المفتوحة.
تقول: "نجحت في بناء صداقة متينة ومتناقضة تجمع الكتب الجامعية بالأجهزة الطبية، فأجدني أتعايش مع تلك المعدات التي تلازم جسدي، ثم أراني ألتصق بالورق الذي يمدني بقوة الأمل، ويشعرني بأهمية إنجاز واجباتي ودروسي كي أحقق ذاتي وأعبر المستقبل متجاهلاً تلك الأنابيب والحقن وأدوات الإنعاش".

أول الأوجاع
بدأت الشابة رحلتها المرة مع المرض بفعل المثانة الارتدادية التي أدت إلى فشل كلوي واستئصال إحدى الكليتين، فتعايشت مع مرضها ونجحت في امتحان الثانوية العامة، وحصلت على معدل (84%) في الفرع الأدبي.
تروي: "كانت أيام (التوجيهي) أياماً ذهبية رغم المتاعب الصحية، وكنت أتمنى زرع كلية في جسدي، وألا أصل إلى غسيل الكلى المؤلم، لكن قدري قادني إلى الوقوع رهينة ذلك ثلاث مرات كل أسبوع في المشفى الوطني بنابلس، حينئذ بدأت أتنقل بين أسرة المستشفيات ومقاعد الدراسة في فرع الجامعة بنابلس بكل هدوء".
توالي بث أحزانها: "تفاقم وضعي، ووقعت رهينة انسداد الوريد الرئوي، وأجريت لي أكثر من عملية قسطرة لم يكتب لها النجاح، ما أجبرني على التعايش مع التنفس الاصطناعي اليومي. وبعد فترة انتقلت للعلاج داخل فلسطين المحتلة، ومكثت في المشافي الإسرائيلية قرابة الشهرين، وعدت متحررة من جهاز الأوكسجين، فتعرضت لانتكاسة أخرى جراء حادث سير وأنا في طريقي لغسل الكلى".
تستمر المتاعب
 ألم يتلوه ألم، فما معنى أن تتجمع المياه في البطن والرئتين أكثر من مرة يوميًا عبر فتحة دائمة في البطن؟ أجل، تتنازع عوالمها أكثر من عشرة أنواع أدوية تدخل جوفها كل يوم، فيما تجاور سريرها كتبها التي تتسلح بها وتمدها بالإرادة، وهذا ما يجعلها دائمة البسمة في وجه الألم.
تلخص أوجاعها وأحلامها وتقول: "أمنيتي أن استنشق الهواء من دون أجهزة، فالأكسجين نعمة وهبها الله لكل حي، لكنني أفتقده وأعجز عن الوصول إليه طبيعيا".
تعيش دراغمة مع عائلتها ذات العشرة أفراد، وكلهم ينشدون راحتها؛ أمها ترافقها في رحلات العلاج، بينما يساعدها شقيقها الأصغر عبد الله داخل المنزل باستمرار، وتتمنى لو أنها تستطيع إكراماً أن تمد يد العون له في دروسه.

أحلام جامعية
تقول دراغمة: "لم أدخل مبنى الحرم الجامعي منذ ثلاثة أعوام، ولكن نظام التعليم المفتوح يسمح لي بإكمال تعليمي الجامعي، وأنا الآن على أبواب التخرج، وأتمنى أن أجلس بين زملائي وزميلاتي لتأدية الامتحانات والاستماع للمحاضرات، وكلي رغبة في أن أجول مع زميلاتي أرض جامعتي، جامعتي التي ما انفكت تساعدني في الرسوم الدراسية وتوفر لي كل ما احتاجه، فالامتحان يصلني إلى البيت والمشفى، وهذه خدمات لن أنساها طوال حياتي".
تتابع: "يسكن في لائحة أحلامي بعد التخرج حصولي على وظيفة مناسبة، وتحقيق أمنيات الطفولة بقيادة سيارة، لكن الجلوس خلف المقود على مقعد القيادة-والحالة هذه-بات بعيد المنال. ثم لا أنسى حال عائلتي المادي؛ فوالدي لا يعمل، ويعيلنا الآن أخي، فيما تضطر العائلة إلى دفع تكاليف علاج إضافية لا يوفرها التأمين الصحي كالتصوير والمراجعات وغيرها، ما يشكل عبئاً إضافياً".
نداء ليندا
تختتم دراغمة: "أحلامي عادية، بل هي حق طبيعي لمن هم مثلي، وأتمنى من وزارة الصحة أن تتبنى علاجي، فما وفرته لي الوزارة (12 ألف دولار) لزراعة كلية في الهند لم يكن كافياً، ثم أقفل هذا الملف لأن عملية كهذه يجب أن تجرى في المشافي الفلسطينية حال توفر المتبرع، وأتمنى أن أجد يداً تساعدني لأجتاز محنتي".