أيقرأ الفلسطينيون الشعر أم يسمعونه؟


نشر بتاريخ: 26-04-2016

الشعر جزء من كينونتنا وعروبتنا، ولكن هل تأثرت ميولنا الشعرية مع التطور السائد؟ وهل بات الناس يفضلون سماع الشعر بدلاً من قراءته مع انتشار الثقافة السمعية؟
وجهنا السؤال إلى طلبة "القدس المفتوحة" فكانت إجاباتهم على النحو الآتي:

الصوت والكلمات أسرع وصولاً إلى القلب 
"مع أني حائرة في الإجابة، لكني أفضل الاستماع إليه أكثر من قراءته" تقول الطالبة سالي سامي خروب، ابنة السنة الثالثة في تخصص العلوم المالية والمصرفية، ثم تضيف: "حين يلقي كثير من الشعراء قصائدهم على مسامعنا نستشعر بما يجول في خواطرهم من أفكار، وفي قلوبهم من مشاعر وأحاسيس تتداخل بين الفرح والحزن والثورة والغزل والهجاء وغيرها من دون أن نراهم، فعندما أسمع ما قال مهذل بن مهدي (عبثاً لا تحاول، لا فناء لثائر، أنا كالقيامة، ذات يوم آت) يزرع بداخلي وطناً وأملاً. وأقول إن لكل شاعر طريقته الخاصة به، ولا بد من أن للقراءة أثراً آخر في نفس القارئ، فالكلمة المقروءة تترك معنى يرتسم في عيني القارئ ويرسخ في ذاكرته، فكثيرون هم من سطروا الشعر وأبدعوا فيه من غير أن نسمع أصواتهم، وربما كانت كلماتهم سبباً في هلاكهم كما حدث للمتنبي".
أما محمد قديح ابن السنة الثالثة في تخصص اللغة العربية فيقول: "لا شك في أن هناك اختلافاً في طريقة تلقي الشعر، فالاستماع إليه ربما يبكينا، وربما يزيد فينا الحماسة والتحدي والثورة، يرجع هذا إلى طبيعة الشعر وشخصية الشاعر وحضوره أثناء الإلقاء، فكم من شاعر يجذبنا نحوه مرغمين وآخر لا نلقي له بالاً ولا نعلم من أين بدأ وكيف انتهى. وأنا بصفتي شاعراً أفضل قراءة الشعر على سماعه؛ فالقراءة تساعد القارئ في خوض أعمق المعاني، فضلاً عن أن القارئ يتناول النص بعيداً عن انفعال الملقي، ومن ثم يصل إلى ما يريده، ويأخذ من النص روحه الجمالية، ويستطيع أن يقرأه غير مرة إذا ما وصل إلى مقطع يدرك كنهه ويحاكي شعوره".

ووافقه في ذلك أبو بكر عبد الحكيم شقير، الطالب في تخصص المحاسبة بمركز بديا الدراسي، قائلاً: "أنا أحب الشعر، بل أعشقه، وأفضل المسموع منه على المكتوب"، منوهاً بأن الشعر مسموعاً أهو الأصل، فقد كان في بداياته ينتقل بالرواية مشافهة، في حين أن سماعه لمن يجيد القراءة الشعرية المعبرة يحلق به إلى آفاق بعيدة لا يجدها في الشعر مكتوباً، "فالسماع له من الجمال والتأثير والتعبير أكثر من المكتوب، هذا من وجهة نظري" هكذا قال.
وهذا ما يؤكده الطالب مروان عيسى محمد كنعان، من فرع الجامعة ببيت لحم، حين قال: "إن سماع الشعر، وخصوصاً من الشاعر نفسه، يؤثر في المتلقي فيتفاعل معه أكثر مما لو كان قرأه". 

الكلمات وحدها تكفي!
  يرى الطالب أيمن محمد حسن الجوابرة، ابن السنة الرابعة في تخصص المحاسبة من فرع الجامعة بالخليل، أن الشعر قراءة أفضل منه سماعاً، لأن في ذلك إثراء فكرياً واستشعاراً بصور جمالية وإيحائية معبرة، ومعرفة لعمقه، ومقدرة على قراءة واقع الشعراء في كل الأزمان، ومعرفة بالطبقات الفكرية ومنبعها، والموضوعات التي يضمنونها أشعارهم.
يقول د. حنني، الأستاذ المشارك في النقد الأدبي الحديث بفرع الجامعة بقلقيلية: "أنا الشاعر أفضّل سماع الشعر، أما أنا الناقد فأفضل قراءته" وعلل ذلك بقوله: "أعتقد أن إلقاء الشعر يضفي على القصيدة أبعاداً نفسية، وهذه الأبعاد جزء مهم من ماهية القصيدة، فكأنك بسماعك قصيدة ما تتمثل تلك بكل أبعادها وجمالياتها".
وأسهب قائلاً: أما الناقد فيحتاج إلى التروي والإعادة غير مرة حتى يحصل على ذلك التمثل، ويستطيع أن يفك رموزها ويحلل أبعادها". 
وأخيراً نقول إن قناعات القارئ تعكس جواب السؤال، وتبقى لذة الشعر موجودة في قراءته وسماعه بالاستشعار بمعانيه ومدلولاته وكلماته.