ولاء أبو زنيد: تركتُ صراعاتي خلفي ورتبت كتبي في حقيبتي ومضيت نحو التخرج"


نشر بتاريخ: 31-10-2015

"خلال التدريب العسكري المغلق الذي خضته، لانضمامي رسمياً إلى العمل في الأمن، عشت في عزلة شبه تامة لمدة أربعة أشهر، كانت أصعب أيام حياتي، تخليت عن أي اتصال بالعالم الخارجي، ولم يسمح لنا باقتناء الهواتف ولا تلقي الزيارات والاتصالات، وفوق كل هذا كان عليّ مغادرة المعسكر في أريحا لأقدم امتحاناتي النهائية بفرع جامعة القدس المفتوحة في دورا، ثم الرجوع إلى المعسكر"، تقول ولاء محمود حسين أبو زنيد.
     وتتابع: "خضت خلال تدريبي صراعاً مع ذاتي، وأحسست بالوحدة، حتى تشوشت أفكاري وما عدت أفرق بين الأماكن والأشخاص، وتزامنت امتحاناتي النهائية مع تدريبي، ولما ظننت أنه لا يمكنني الاستمرار في هذا الكفاح، تذكرت كلمة مدير فرع الجامعة في دورا د. تيسير أبو ساكور: "لن نقف عائقاً في طريقك نحو الحياة والنجاح وإكمال المسيرة التي بدأتها بالعمل التطوعي والإنساني وتحقيق الأحلام والطموحات التي تسعين إليها، فالجامعة معك بكل ما تستطيع، ضمن القوانين التي وجدت في الأساس لخدمة الطلبة الذين يمرون بمثل هكذا أوضاع". كان لوقع هذه الكلمات أثر فيّ، أحسست بأن هناك من يؤمن بي، فنهضت وتابعت نضالي ورحلتي التي ما تزال تُكتب".
    جدولها حافل ومكتظ بالمسؤوليات، ولاء محمود حسين أبو زنيد، التي ولدت في دورا قضاء الخليل بتاريخ 5\9\1989، تمكنت-رغم صغر سنها-من إنجاز الكثير.
ترعرعت في أسرة مكونة من تسعة أفراد، ودرست المرحلة الابتدائية في مدرسة "المنهل" الخاصة، ثم مدرسة وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وانتقلت كي تتلقى علوم المرحلة الثانوية في مدرسة دار السلام للبنات، ومنها إلى مدرسة بنات دورا الثانوية، بفرع العلوم الإنسانية (الأدبي) عام 2007م.
    ثم التحقت بفرع جامعة القدس المفتوحة في دورا عام (2008\2009) ضمن برنامج العلوم الإدارية والاقتصادية بتخصص "التسويق"، وتخرجت فيها عام (2012\2013) بتقدير جيد، ثم التحقت بجامعة القدس-أبو ديس لتكمل دراساتها العليا في معهد التنمية الريفية المستدامة بتخصص "بناء المؤسسات وإدارة الموارد البشرية".
   لم تكتف ولاء بهذا، فقد كانت تخدم مجتمعها، بينما هي تلبي حاجات دراستها، تقول: "أعمل ضابطاً في جهاز الدفاع المدني الفلسطيني برتبة ملازم، وتنقلت في عدد من الأقسام، منها: الإعلام، والعلاقات العامة، والسلامة العامة، والتدريب، أما اليوم فأشغل منصب مدير قسم التدريب في مركز الدفاع المدني بدورا".
   حصلت ولاء على ما يقارب العشرين دورة تدريبية مع مختلف مؤسسات المجتمع المحلي على صعيد العمل في الدفاع المدني، وشغلت منصب عضو هيئة إدارية في حركة الشبيبة الطلابية، ومنسقة لجنة الشهيدة دلال المغربي، وحاليا هي في وحدة جامعة القدس المفتوحة في الضفة الغربية في لجنة الشهيدة دلال المغربي، كما قدمت ورقة مشاركة في بحث داخل جامعة القدس المفتوحة بعنوان "العمل التطوعي في فلسطين: واقع وتحديات".
    تقول ولاء: "جامعة القدس المفتوحة هي المجتمع الذي نشأت فيه وتعلمت فيه كيف تُبنى الشخصية وكيف تصقل المهارة. نعم، إن نظام الجامعة أتاح لي فرصة التنقل بين فروعها في محافظتي الخليل وبيت لحم، وهذا زاد فرصة التعرف إلى بيئات مختلفة وثقافات متعددة من خلال النشاط المستمر والشراكة، فالتعاون بين فروع الجامعة يصب لصالحنا-نحن الطلبة-لأنها تنسق باستمرار مع مؤسسات المجتمع بهدف تطوير قدرات الطلبة ومهاراتهم. أذكر يوماً تنسيق الجامعة لعقد دورة في علوم الدفاع المدني لمتطوعي الدفاع المدني في جامعة القدس المفتوحة في دورا".
    تبين ولاء أن الجامعة كانت نقطة تحول في حياتها، قائلة: "اخترقت عالماً آخر لم أكن أعرف منه شيئاً، وحظيت بتشجيع أهلي وزملائي وأساتذتي بالجامعة، وعلى رأسهم الدكتور تيسير أبو ساكور مدير فرع الجامعة في دورا، فقد قدموا لي كل ما احتجته من مساعدة ومشورة، وطالما تحلت الجامعة بسياسة الباب المفتوح والقدرة على الاستماع لأي فكرة أو أي عمل، سواء على صعيد حركة الشبيبة الطلابية أو العمل التطوعي في الدفاع المدني، ولم أشعر في يوم من الأيام أنهم كانوا ضد هذا الطموح والعمل، بل شجعوني لأحلق في العمل الإنساني والاجتماعي، ولأقدم كل ما أستطيع للمجتمع وللبيئة التي نشأت".
   وتبين ولاء أن العمل التطوعي هو أسمى عمل في الوجود، بل غاية العطاء والإنجاز والإبداع، هو النافذة التي وجدت لاكتشاف القدرات والمهارات. العمل التطوعي عمل إنساني بالدرجة الأولى، وهذه "القدس المفتوحة" تنمي في الطالبِ الإنسانَ وحبَّ الخير.
    وتضيف: "المتطوع شخص يسخّر نفسه-عن طواعية وبدون ضغوط خارجية-لمؤازرة الآخرين ومساعدتهم بقصد القيام بعمل يتطلب جهداً وتعدد قوى، وفي هذا يقول الله عز وجل: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا) صدق الله العظيم". 
    تتابع: "خلال المخاطر التي واجهتها، كانت الجامعة هي السند الوحيد لي، فقد وقفت إلى جانبي طيلة سنواتي الدراسية فيها، وأخص السنة الأخيرة، التي كانت بألف سنة؛ فقد كنت خريجة يصعب عليها تراكم دراسة المواد التخصصية، وتزامن ذلك مع عمل جديد في العمل الحكومي كموظف عسكري في جهاز أمني".
     وتتابع: "عندما قررت الانتقال إلى محافظة رام الله والبيرة، كنت في حيرة من أمري؛ فهذا عمل جديد، وتلك بيئة مختلفة، وها أنا أمعن النظر في مستقبلي الدراسي، ولكن الجامعة ساعدتني، ومكنتني من تقديم الامتحانات في فرعها برام الله والبيرة حيث أعمل وأسكن، حينئذ قررت أن ألتحق بدورة عسكرية مغلقة في محافظة أريحا والأغوار".