"المختارة" فاتن حرب: "القدس المفتوحة" نقطة تحول في حياتي


نشر بتاريخ: 31-10-2015

خلافاً للعادات الفلسطينية التي تنصِّب الرجل "مختاراً" يتولى الإصلاح وإدارة شؤون البلد كما كان سابقاً، استحقت الغزية فاتن حرب، ابنة جامعة القدس المفتوحة، لقبَ "مختارة" للمرة الأولى في موروثنا الاجتماعي، وذلك لجهودها في مجال تحقيق السلم الاجتماعي والإصلاح.
  عملها منذ سنوات في الإصلاح، وقدرتها الكبيرة على رأب الصدع بين المتخاصمين في المجتمع الغزي، خاصة ما يتعلق بقضايا النساء، إضافة إلى تأهيلها بعدة دورات متخصصة في مجال حل النزاعات والإصلاح الأسرى، جعلها "مختارة" حقيقية، إذ اختيرت حرب شعبياً لتحمل هذا اللقب الذي لم يعد حكراً على الرجال.
   فاتن حرب خريجة "القدس المفتوحة"، التي هي على قدر كبير من الثقافة، ولا يشغلها إذا كان المسمى "مُصلحة اجتماعية" أم "مختارة"، ما يهمها هو الهدف الذي تتشارك فيه مع زميلاتها من سيدات الإصلاح.
  تقول حرب: "ترعرعت في أسرة مكونة من سبعة أخوة وأخوات، وأنا بكر أخواتي، وهذا أشعرني ومنحني منذ الصغر سمة القيادة. لقد كنت مرجعية الأسرة في كثير من القضايا والمشكلات التي واجهَتها، على الرغم أني تزوجت في عمر (16) عاما".
   بينت حرب أن امتلاكها شخصية قوية وقدرتها على الوصول إلى قلوب الناس، جعلاها تمارس دور المصلحة الاجتماعية في عائلتها وبين أقربائها؛ فقد كانوا يلجأون إليها، مع صغر سنها، لتسوية خلافاتهم، خصوصاً بين الأزواج الشابة، لافتة إلى أنها بدأت تتوسع شيئاً فشيئاً في عملها المجتمعي حتى غدت تعالج مشكلات في عائلات ومناطق أخرى من قطاع غزة.
وعند سؤالها عن مراحل دراستها وكيفية التحاقها بجامعة القدس المفتوحة، أشارت حرب إلى أنها كانت قد انقطعت عن الدراسة بعد اجتيازها المرحلة الإعدادية، وبعد مُضي (15) عاماً، أكملت دراستها الثانوية بدعم كامل من زوجها الذي مثل لها الدافع والحافز والقوة في مواجهة كل الصعاب، إلى أن اجتازت امتحانات الثانوية العامة بمعدل (74.4%). وبالهمة ذاتها وبدعم زوجها المتواصل ومساندته، استكملت رحلتها التعليمية الجامعية في جامعة القدس المفتوحة.
   تقول حرب: "شكلت جامعة القدس المفتوحة نقطة تحول كبيرة في حياتي، ومنعطفاً إيجابياً نحو تكوين شخصيتي، وكم أتمنى أن يرجع بي الزمن لأعيش سنوات دراستي في الجامعة مرة أخرى، فما زلت أحتفظ بكل مكونات دراستي من دفاتر ومراجع وكتب، فأنا أعتز بجامعتي وأعتبر ذلك دليل نجاح وتحد في طريق مسيرتي. لقد كانت "القدس المفتوحة" بوابتي إلى العمل المجتمعي التفاعلي، ففي أكنافها تلقيت أفضل العلوم على أيدي نخبة رائعة من أعضاء الهيئة التدريسية الذين أفخر بهم. نعم، لقد اخترت "القدس المفتوحة" لقناعتي الكاملة بأنها أنسب الجامعات الفلسطينية، فهي النواة الحقيقية في العمل الأكاديمي والتعليم المفتوح في فلسطين والعالم العربي، فقد وصلت إلى مكان الدارس، وتجاوزت كل الحواجز وأدوات الحصار المفروض على شعبنا، بانتشار فروعها وامتدادها في مساحات الوطن كافة، ثم إن نظام المحاضرات بتكرارها في مواعيد مختلفة له دور كبير في التخفيف عن كاهل الطلبة، ولعل طبيعة كتبها التي أعدت بأسلوب علمي يحاكي الطالب كأنه مشرفه الأكاديمي، سهل الحصول على المعلومة ويسرها".
   تضيف حرب: "على الرغم من أني أم لخمسة أبناء، وربة بيت، فإن هذا لم يكن ليشكل عائقاً أمام تفوقي وتقدمي في الجامعة. التحقت إحدى بناتي بجامعة القدس المفتوحة (فرع الوسطى) بعد أن أنهت الثانوية العامة، وكنت أنا حينئذ في السنة الأخيرة من دراستي في الجامعة ذاتها، ما زاد من حماستي في متابعة دراستي بكل قوة وتميز، فتخرجت وكنت الأولى على دفعتي في تخصص التربية الأساسية، بمعدل (89.7%)". 
    أكدت حرب أنها تأهلت لهذا الدور المجتمعي (مختارة) بعد أن أنهت عدة دورات متخصصة في مجال حل النزاعات والإصلاح الأسري، وأيضاً بعد تلقيها تدريبات في كثير من المؤسسات الأهلية في مختلف النواحي القانونية والشرعية لمدة ثلاث سنوات، ولقدرتها الكبيرة على رأب الصدع بين المتخاصمين في المجتمع الغزي، خاصة القضايا المتعلقة بالنساء. ثم أشارت إلى أن معالجة المرأة لمشكلات المرأة أسهل بكثير، ذلك أنها تبوح بأسرارها لها من دون خجل أو تردد، خصوصاً أن قضايا النساء عادة ما ترتبط بأمور شخصية، فلا تمتلك كثير من النساء الجرأة الكافية للحديث بشأنها أمام الرجل، ما يتسبب بضياع حقوقهن.
  تبين حرب أن لدى المرأة الفلسطينية الخبرة والكفاءة العلمية والعملية لخوض مثل هذا العمل، رغم ما أبداه بعض المخاتير، معترضين أن تحمل امرأة هذا اللقب الذي ظل مقتصراً عليهم في موروثنا الاجتماعي. 
   ونوهت بأنها تتبع كل طرق التواصل في هذا العمل، ولا تمانع من مقابلة طرف المشكلة من الرجال، والتحدث إليهم بحضور زوجها، بعكس رجال الإصلاح الذين يصطدمون بحاجز العادات والتقاليد، وعدم قدرتهم على الحديث مباشرة مع السيدة صاحبة الشأن.
وبعد سؤالها عن أمنيتها في الحياة، تقول: "أتمنى أن أمثل صوت المرأة الفلسطينية في المحافل الدولية، لأن المرأة الفلسطينية مختارة مجازاً ومضموناً، ورمز للتحدي والعطاء، فكل الفخر أني فلسطينية".