إخلاص مجلي...بالعلم والعمل تتحدى الألم


نشر بتاريخ: 18-10-2015

بتعبيراتها المتحفزة وبأسلوبها المتميز، تتحدث الشابة إخلاص مجلي عن تحديها لمرض السرطان، الذي شكل نقطة تحول في حياتها، ودفعها للإصرار والتحدي والسعي للحصول على العلم، وكانت "القدس المفتوحة" ملاذها الوحيد، بسبب صعوبة دراستها في الجامعات التقليدية.
   
تتحدث إخلاص لــ "رسالة الجامعة" عن سنواتها الطويلة التي حالت دون تحقيق حلمها الذي راودها طوال الأعوام التي انقطعت فيها عن الدراسة منذ سن الرابعة عشرة حتى قرارها بالعودة.
 
عن تلك المرحلة تقول إخلاص: "ككل الفتيات، رسمتُ ملامح مستقبلي بأن أصبح يوماً ما معلمة مدرسة، لكن مرض والدتي وعجزها عن القيام بأعمال المنزل أمر حمل والدي على أن ينهي مسيرتي التعليمية. وطوال تلك السنوات ظل حلم العودة إلى مقاعد الدراسة يراودني، لأصحو على واقع مختلف متغير".
   
 تزوجت إخلاص وأنجبت أطفالها الأربعة، وكانت-ككل الأمهات-تهتم بتعليم أولادها وتتمنى أن يكملوا مشوارهم. انقطعت أم محمد عن الدراسة في الأعوام الممتدة بين (1996-2006)، ثم إن ذلك المرض (السرطان) الذي هدد شبابها وكاد يبعثر أحلامها، أخذ يسيطر على كل مناحي حياتها، ولكنها-مع هذا-لم تتخل عن حلمها، تقول: "بعد أن صحوت من وقع الصدمة قررت أن أحقق الدور ذاته الذي حققته مع أسرتي وفي مجتمعي قبل أن أصاب بالمرض، والآن أسعى لتحقيق ذلك الحلم بعد عشرين عاماً، فقد كانت أياماً قلائل تلك التي فصلت بين إصابتي بالمرض واستشارة زوجي الذي شجعني على العودة إلى مقاعد الدراسة".
 
في تلك المرحلة، سارعت إخلاص للانتساب إلى الدراسة الخاصة في مديرية التربية والتعليم بجنوب جنين، واجتازت امتحان القبول في العام 2006م، لتسجل بعدئذ في امتحان الثانوية العامة، تتابع: "كنت كلما اشتد مرضي زدت عزيمة وإصراراً، وأشعر بأنني أسابق الزمن، فإيماني بحتمية النجاح إيمان كل فلسطيني بحتمية النصر".
 
أم الأطفال الأربعة-لحسن تدبيرها-قسمت مواد الثانوية العامة إلى قسمين، فقد كانت الأيام تمر مسرعة بين أسرَّة المشافي وجرعات الدواء من جهة، وجلسات الامتحان والكتب من جهة أخرى، تقول: "كان يوم النتائج حافلاً، أذكر أن المفرقعات والألعاب النارية كانت تضيء سماء طوباس، كنت مشدوهة ومشدودة، أرقب يوماً طالما انتظرته، وددت أن أرد صبيحة ذلك اليوم على كل من حاول النيل من معنوياتي، وفي الوقت ذاته كانت مناسبة أقدم من خلالها شكري وعرفاني لكل من دعمني وساندني: أبنائي، وزوجي، وأبي، وأخوتي. تتماوج في رأسي تلك الأفكار وأصوات الألعاب النارية تتصاعد في كل مكان وما زلت أنتظر، نعم، ها أنا أرفع عموداً من أعمدة خيمتي...نجحت".
 
الأم المثابرة التي بدأت تسترد قوتها وقدرتها على التحدي، قررت الشروع بتحد آخر منطلقة نحو الدراسة الجامعية، وحتى يتحقق أملها التحقت بجامعة القدس المفتوحة في طوباس، تضيف: "بعد انتسابي للجامعة شعرت بأني أولد من جديد، وأن حياة أخرى تنتظرني هناك".
 التحقت إخلاص بتخصص "اللغة العربية وأساليب تدريسها" لتوافقه مع شخصيتها، فهي محبة للأدب والشعر وقارئة نهمة للسير على اختلاف أنواعها. وتابعت: "خلال فترة التحاقي بجامعة القدس المفتوحة حظيت بدعم إدارة الفرع ومساندتها، ودعم العاملين هناك، وتلقت تشجيعاً من أعضاء هيئة التدريس الذين وقفوا إلى جانبي. فانتشار فروع "القدس المفتوحة" في مختلف محافظات الوطن كان فكرةً مبدعة وخلاقة، فكرةً وفرت فرص التعليم للمرأة على وجه الخصوص، وقللت من الإنفاق على الدراسة".
 
استطاعت إخلاص أن تنهي حقبة أخرى ليُكتب في سجلها نجاح آخر خطته على مدار سنوات أربع في جامعتها، جامعة القدس المفتوحة. وقالت إنها تابعت رسالة الجامعة واطلعت على كثير من قصص النجاح لخريجات أخريات، فـ "قصة الشاويش" أمدتها بالأمل، و"قصة إلهام سعادة" أكدت أن الأحلام لا بد من أن تتحقق يوماً ما، أما "قصة انتصار" فأشعرتها بحتمية انتصار الإرادة على الظروف مهما قست، وها هي نائلة شريم تؤكد لها-في قصتها-أن للعمر ربيعاً آخر.
 
طموحات إخلاص متجددة، فطوال دراستها الجامعية تمنت لو تكمل مشوارها العلمي بالتحاقها ببرنامج الدراسات العليا، فالتحقت بجامعة النجاح الوطنية، حين عجزت عن تحقيق طموحها في جامعتها الأم (القدس المفتوحة)، وذلك لعدم إقرار برنامج الدراسات العليا في الجامعة. وها هي إخلاص توشك أن تنهي متطلبات الحصول على درجة الماجستير، لقيت مساندة إضافية من أساتذتها. إخلاص تروي قصتها لتصنع أملاً آخر في مقاومة المرض، وتؤكد أن للعمر ربيعاً تعبق منه رائحة إنجاز عطرة بعيدة عن كل فشل.