الإدارة والعاملون والطلبة..شراكة في اتخاذ القرار


نشر بتاريخ: 17-02-2019

رام الله-ينابيع- إن الإدارة التشاركية التي تعدّ من أحدث أشكال الإدارة وأنجعها هي مبدأ تبنته جامعة القدس المفتوحة في مسيرتها"، هذا ما بينه رئيس نقابة العاملين د. عبد القادر الدراويش.
ويؤكد الدراويش أن الجامعة "تحرص على الحفاظ على علاقة تكاملية بين ممثلي مكوناتها الثلاثة: إدارة الجامعة، ونقابة العاملين، ومجلس اتحاد الطلبة القطري، وذلك من خلال تبنيها مفهوم الإدارة التشاركية. وساهمت الثقة العالية بين الأطراف الثلاثة في زيادة القناعة بأهمية تبني هذا المفهوم، وهكذا يتم التعامل بين هذه الأطراف بمنتهى الوضوح والشفافية، مضيفًا أن العلاقة بينها تتسم بالتفاهم والتوافق والتنسيق الدائم، وأن كل جهة من الجهات الثلاث تحرص على القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها، وتتكاتف وتتلاحم وتتماسك وتتعاون في التصدي للمشكلات التي قد تحدث، وتتشارك في وضع حلول عملية لها، ما أنتج بيئة عمل تكاملية وثقافة مؤسسية تحفز هذا النمط الإداري.
 
أهمية أن تكون العلاقة بين هذه العناصر متكاملة
يقول الدراويش إن أهمية العلاقة التكاملية في جامعة القدس المفتوحة تكمن في مساهمة الأطراف كافة بالاضطلاع بمسؤوليتها تجاه تنفيذ القرارات والخطط الاستراتيجية التي تهم المؤسسة، والمساهمة في التخفيف أو إنهاء حدة الصراع بين الأطراف الثلاثة، وهذا ينعكس إيجاباً على إنتاجية المؤسسة وأدائها، ويسهم في تطورها وازدهارها. كما أن التكاملية تسهم في خفض المخاطر التي قد تواجهها المؤسسة، إذ إن قوة البيئة الداخلية في المؤسسة تسهم في قدرتها على مواجهة ما تحمله البيئة الخارجية من مفاجآت قد تكون في غير مصلحتها".
 
كيف تتكامل هذه الأركان؟
سألت "ينابيع": ماذا يعني أصلاً أن تكون العلاقة بين رئاسة الجامعة وطلبتها ونقابتها متكاملة؟ يجيب الدراويش: "تتكامل العلاقة من خلال التنسيق الدائم، والمشاركة في صنع القرار من خلال عضوية لجان العمل والفعاليات المختلفة، ومن خلال وحدة الأهداف والتطلعات والمصير، والسعي لتحقيق العدالة، والإخلاص في العمل والانتماء للمؤسسة، ووجود نظام كامل لكل العمليات الأكاديمية والإدارية والخدماتية". 
        ويضيف: "لا بد من توفر ظروف موضوعية داخل المؤسسة من أجل تبني التكاملية وتعزيز العلاقة بين أركان المؤسسة وفقاً لهذا المنهج الإداري، ومن أهم شروط فعالية هذا المنهج: وجود قناعة لدى جميع الأطراف بضرورة تبني منهج التكاملية، والتوافق على الخطط والوسائل والأدوات الواجب استخدامها والأخذ بها من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة، والعمل وفق مبادئ عامة تقوم على أساس التنسيق الدائم، والوضوح التام، والشفافية المطلقة، والتوافق وعدم الاختلاف، وتعزيز التواصل بين الأركان الثلاثة، وتنظيم وصول المعلومات المنظمة وتدفقها لجميع الأطراف، كل فيما يخصه، إضافة إلى تجلي طموح مشترك بين تلك الأطراف للوصول إلى الأفضل، والإيمان بالتغيير والتطوير ومواكبة التطورات، خاصة في المجال التكنولوجي وتطبيق ذلك في المجالين الأكاديمي والإداري.
 
"القدس المفتوحة" تتميز مرة أخرى
ويؤكد الدراويش أن العلاقة البناءة المسؤولة والتكاملية بين الأطراف في جامعتنا ساهمت في تميز مؤسستنا، ومن خلال خبرتي واطلاعي ومعرفتي فإن مستوى التكاملية لدينا مرتفع جداً، وهذا تظهره مؤشرات كثيرة ومحطات عديدة، فالجامعة حافظت على وحدتها الإدارية والأكاديمية بين جناحي الوطن (الضفة والقطاع) رغم الانقسام السياسي الموجود، وأيضاً لم يحدث تعطيل دراسي من قبل الطلاب أو العاملين خلال السنوات السابقة، وهذا مؤشر على مستوى التفاهم وروح التعاون بين ممثلي أركان الجامعة، وهذا لا يعني عدم وجود خلاف، وإنما يعني أنه عند ظهور مشكلة ما فإنها سرعان ما تحل على طاولة الحوار وفقاً لمبادئ التكاملية وأسسها. 
 
 
 
تشاركية تضمن ازدهارًا اقتصاديًا 
 
لكن، هل لهذا النوع من الإدارة دور في ازدهار الجامعة اقتصاديًا.. خاصة إذا ما أخذ بالاعتبار أن الجامعة تنتشر في محافظات الوطن من رفح إلى جنين، بعدد من الطلبة يمثل ربع الملتحقين بالتعليم العالي الفلسطيني، وعدد خريجين تخطى الـ (120) ألفًا؟
في هذا الشأن، يقول نائب رئيس الجامعة للشؤون المالية د. عصام خليل، إن إدارة الجامعة منذ نشأتها، وصولاً إلى ماهي عليه الآن، تكبدت جهداً استثنائياً وتطلبت تعاوناً وثيقاً بين المكونات الرئيسية التي تقوم عليها الجامعة وهي الإدارة والطلبة والنقابة، فتحديد احتياجات الطلبة بدقة ووضوح من خلال المجالس والهيئة الطلابية المنتخبة أسهم بشكل كبير في توفير الجامعة لهذه الاحتياجات؛ من جودة في التعليم والتدريب والأنشطة والمساعدات، وثمة منح داخلية وخارجية تجاوزت الأربعة ملايين دينار سنوياً، ما أدى إلى زيادة الثقة والتشاركية بين إدارة الجامعة وطلبتها.
ويضيف أن هذا انعكس بصورة إيجابية على التزام الطلبة بسداد رسومهم الدراسية في وقتها المحدد وفق نظم الجامعة، ثم تنفيذ أنشطتهم وفق الموازنة السنوية التي تعتمدها الإدارة، فكان لهذا أثر إيجابي في استقرار الجامعة مالياً وزيادة قدرتها على التطوير، وصولاً لتحقيق أهدافها السامية في إيصال التعليم الجامعي الحديث لكل بيت في فلسطين.
ويؤكد خليل أن "إدارة الجامعة تدرك ضرورة وجود كادر من الموظفين القادرين على تحمل المسؤولية، المدركين لأهمية الهدف الذي تسعى الجامعة لتحقيقه من خلالهم. وحتى يؤدي الكادر الوظيفي الدور المنوط به كان لا بد من وجود جسم منتخب منهم يعبر عن حاجات العاملين اللازمة لتحفيزهم وضمان حقوقهم في آن واحد، لذا فإن نقابة العاملين في الجامعة أسهمت بدور إيجابي كبير في تحقيق الاستقرار المالي من خلال تعاونها مع إدارة الجامعة وتفهمهما لكل المواقف في كل الأوقات، فشعور الموظف بالاستقرار والأمن الوظيفي ينعكس على أدائه وعمله بصورة إيجابية تسهم في تقديم أفضل خدمة لطلبة الجامعة من ناحية، وصورة مشرقة عن الجامعة للمجتمع الخارجي أسهمت في زيادة إقبال الطلبة على الجامعة من ناحية أُخرى".
ويتابع: "عندما تكون هذه الأجسام الثلاثة: الإدارة المتمثلة في وجود مجلس أمناء برئيسه وأعضائه الفاعلين الذين يضعون القوانين والأنظمة اللازمة، وبإدارة حكيمة رشيدة يقودها الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة متمثلة برئيس وأعضاء مجلس الجامعة، ثم وجود نقابة عاملين برئيسها وأعضائها؛ ومجلس طلبة برئيسه وأعضائه بعلاقه تكاملية مثلما هي في جامعة القدس المفتوحة.. فإن مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الجامعة تصبح أمراً يسيراً، ذلك أن تحمل كل جسم لمسؤولياته تجاه الجامعة ومعرفته الجيدة بدوره تجعل التعاون أمراً ممكناً لتخطي الظروف الصعبة، وهذا ما يحدث بالفعل في جامعة القدس المفتوحة، فالجميع يتعاونون ويقدمون للجامعة لتظل صرحاً أكاديمياً رائداً في مجال العلم والثقافة.
 
سدّ منيع أمام كثير من العقبات
يقول نائب رئيس "القدس المفتوحة" للشؤون الإدارية د. مروان درويش: "العلاقة المتكاملة بين أضلع الجامعة الثلاثة (الإدارة، والطلبة، والنقابة) لها أثر كبير على ازدهار الجامعة وتطورها، فمنذ تأسيسها حرصت إدارة الجامعة على هذه العلاقة التشاركية من حيث مناقشة قضايا الجامعة الأساسية وقراراتها ضمن هذا المثلث، وتفضيل المصلحة العامة، وبناء جسور الثقة بين هذه الأضلع، لذا كبرت وترعرعت وحافظت على وجودها بصفتها مؤسسة تعليمية ريادية ذات شأن في هذا الوطن".
ويتابع: "تندر الإشكالات بين إدارة الجامعة ونقابة عامليها، وهذا مثال على العلاقة التكاملية التي نتحدث عنها، كما يدل على فهم الإدارة لمعنى العمل النقابي وإعطاء مساحة لها للعمل من أجل تحقيق مطالب العاملين وتأمين حقوقهم وتقديم أفضل الخدمات لهم، فنقابة العاملين في جامعة القدس المفتوحة تتشارك بعلاقة مميزة مع إدارة الجامعة مقارنةً مع النقابات الأخرى في سائر الجامعات الفلسطينية. ومن الأمثلة البسيطة على ذلك تخصيص إدارة الجامعة لقاء سنوياً يجمع العاملين كافة من مختلف المحافظات في مكان واحد يتعارفون فيه ويتشاركون في الفعاليات المختلفة من مسابقات رياضية واجتماعية وثقافية وتقديم وجبات الطعام، وكذلك تقدم لهم الجوائز والعروض المختلفة حرصاً منها على التواصل ونشر المحبة بين الزملاء". 
ويبين درويش أن طلبة الجامعة لا يقلون أهمية في هذه العلاقة، فمجلس الطلبة القطري يرتبط بعلاقة متينة مع إدارة الجامعة، ما يوفر جواً أكاديمياً ملائماً وخدمات طلابية متوافرة، إضافة إلى زيادة عدد المنح والقروض التعليمة السنوية مراعاة منها لظروف شعبنا وطلابنا الأعزاء. أجل، هذا كله يؤدي إلى ازدهار الجامعة، وزيادة إقبال الطلبة عليها، وفتح تخصصات جديدة تتلاءم واحتياجات سوق العمل، وإنشاء جيل من الطلاب يحمل معه رسالة الجامعة السامية إلى المحافل العديدة.
ويضيف: "لا شك في أن الجامعة قد وضعت صوب أعينها منطق الشفافية المطلق من خلال ما تتبعه من سياستها في الاستماع إلى شكاوى الطلبة واقتراحاتهم عبر نظام الشكاوى الموضوع للوقوف على درجة الرضا تجاه الخدمات التي تقدمها للطلبة. 
ويتضح مما سبق بأن هذه العلاقة التكاملية ستكون السد المنيع لأي عواقب تواجهها الجامعة من المحيط والظروف الخارجية، وقد جربت في أكثر من محك، فعلى سبيل المثال كان موضوع رفع أسعار الساعات المعتمدة يناقش ضمن أجواء ديمقراطية تجمع إدارة الجامعة والمجلس القطري للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف دون حاجة إلى إجراءات تصعيدية من أي طرف من الأطراف، وجميع هذه الأسباب أدت إلى بناء جسور الثقة بين أضلع الجامعة، وظهر ذلك جلياً بمدى التكاتف الذي وصلته هذه العلاقة، وخصوصاً أمام عقبة فتح تخصصات الدراسات العليا والضغط المشترك الذي مارسته هذه الجهات على وزارة التعليم العالي من أجل مصلحة طلبنا وتقدم مجتمعنا نحو الأفضل، وكان لهم ذلك".
 
الطالب صانع قرار
        سألنا رئيس مجلس الطلبة القطري، الأخ زياد الواوي، عن مواطن التشاركية بين الطالب وإدارة الجامعة، فأجاب: "إن الدور تشاركي بين الأقسام النقابية وإدارة الجامعة، والعلاقة بينهما فاعلة جداً بهدف المحافظة على ديمومة المؤسسة وازدهارها، فقد جاءت هذه العلاقة مراعية مصلحة الطالب الجامعي من الناحية الأكاديمية والاقتصادية".
        ويتابع: "إن مجلس الطلبة القطري يعدّ عضوًا فاعلاً وحاضرًا في معظم الهيئات الموجودة في الجامعة، وهو مطلع على كثير من القضايا الحساسة التي تخص الجامعة ومشارك الرأي فيها، ولا تتم الموافقة على أي قرار يخص الطلبة بشكل مباشر دون أن يطلع المجلس عليه، لضمان مراعاة مصلحة الطالب في الدرجة الأولى".