سرحان: لو كان هدفي الحصول على "كرتونة" أعلقها لما التحقت بالجامعة


نشر بتاريخ: 28-08-2024

اختار جامعة القدس المفتوحة متخصصاً في "أنظمة المعلومات الحاسوبية" ومتفرعاً في "أمن المعلومات"؛ لشغفه بعالم التكنولوجيا والبرمجة، "شغف قادني إلى اختيار هذا التخصص العصري المميز". 
ملقياً الضوء على رحلته في عالم البرمجة ودور الجامعة في تنمية مهاراته التقنية والعلمية، يقول سرحان: "نظامها التعليمي الفريد المدمج أتاح لي بل شجعني على خوض التجربة والمضي في إنشاء شركة برمجيات سمّيتها StunsIO Solutions & Programming، تهدف إلى تقديم حلول برمجية متطورة ومبتكرة. كانت بصمات ما تعلمته في الجامعة منطبعة في كل نجاح وخطوة في مشروعي هذا".
الرغبة وحدها لا تكفي
هو عصر يتسم بتسارع يشي أنظمة حياتنا ويغير إيقاعها يوماً بعد آخر، فلا نكاد ننتقل إلى طور إلا وتنكشف لنا تطورات جديدة، لذا يقف الجيل اليوم مشدوهاً أمام هذه المتغيرات ومدى قدرتها على تغيير أنماط الحياة. سرحان واحد من هؤلاء، يقول: "لطالما فتنت بعالم التكنولوجيا ومعرفة كيف تعمل الأشياء من حولي. تملكتني رغبة كبيرة في فهم الآليات التي تجعل الأجهزة الإلكترونية تعمل، وكيف يمكن للتعليمات البرمجية أن تتحكم في سلوك هذه الأجهزة. كنت أقضي ساعات طويلة في محاولة فهم كيفية بناء التطبيقات والمواقع الإلكترونية، والتعرف إلى لغات البرمجة المختلفة". 
استوقفت سرحان تلك الأسئلة، ولم يكتف بأن يكون مثل كثيرين ممن ينظرون إلى التطور التكنولوجي نظرة استهلاكية فيأكلون السمك، بل أراد أن يتعلم الصيد، يقول: "بدأت بتعلم الأساسيات من خلال مصادر تعليمية متاحة عبر الإنترنت، مثل الدروس المجانية والفيديوهات التعليمية، بالإضافة إلى الكتب الإلكترونية والمجتمعات البرمجية التي توفر دعماً ونصائح قيمة للمبتدئين. وخلال هذه المرحلة، أنشأت مشاريع صغيرة وبرامج تجريبية، ما زاد من شغفي وحماستي في استكشاف المزيد. كانت هذه البداية حجر الأساس لمسيرتي الأكاديمية والمهنية في عالم البرمجة، تعلمت أهمية الممارسة والتجريب في تطوير المهارات وتحقيق الأهداف".
 
خطوة محورية
رغم وقته الذي أفاد منه الكثير الكثير متصفحاً الكتب والمواقع الإلكترونية، فقد أحس أنه وصل إلى نقطة بدا فيها تائهاً، وأن حاله مع الوقت كقابض على ماء، وأي تأخر في رسم الهدف والمضي لتحقيقه مضيعة للوقت "لذا، قررت أن أتابع شغفي وأطور مهاراتي الأكاديمية، فكان التحاقي بجامعة القدس المفتوحة خطوة محورية في مسيرتي، اخترتها دوناً عن غيرها من الجامعات لأسباب كثيرة، في مقدمتها "التعليم المدمج" الذي تنتهجه وتتفرد به الجامعة نظاماً ورؤية، وهو ما وفر لي المرونة الكاملة في تنظيم وقتي بين الدراسة والعمل، ومكنني من تطوير مهاراتي البرمجية وتحقيق التوازن بين تطلعاتي الأكاديمية والمهنية. استطعت بفضل هذا النظام حضور المحاضرات والمشاركة في الأنشطة الجامعية دون التأثير على عملي الشخصي ومشاريعي البرمجية". ثم ذكر أسباباً أخرى كانت دافعاً له لاختيار "القدس المفتوحة" بوصفها "نافذة علمية أطل من خلالها على مستقبلي، لقد وفرت لي مجموعة واسعة من الموارد التعليمية والدعم الأكاديمي الذي يساعد على التفوق في كل مجال أنشده". 
 
الجامعات ليست "مفرخة" للشهادات
 
إن نظرة المجتمع لحملة الشهادات اليوم غير التي كانت من قبل، فقد بات كثير منا لا تمثل له الشهادة سوى "كرتونة" يعلقها أو يركنها في مكان ما "يستعين بها وقت الحاجة"! هل كان سرحان من هؤلاء؟ يجيب: "لم ألتحق بجامعة القدس المفتوحة لأحصل على شهادة أكاديمية، بل اتخذتها منصة لتحفيز الابتكار والإبداع. استفدت من العديد من الموارد والدورات التي تقدمها، وساعدتني في تطوير مهاراتي التقنية والتطبيقية بمجال البرمجة وأمن المعلومات". مؤكداً مخالفته لكل من يظن أن الجامعة مكان لجمع الشهادات، يقول: "الجامعة أنت وأنت الجامعة؛ فمع توفيرها بيئة تعليمية تفاعلية تتجاوز الفصول الدراسية التقليدية، وتشجعك على المشاركة في الأنشطة البحثية والمشاريع التطبيقية، فإن المسؤولية بعد كل ذلك واقعة عليك أنت؛ فعليك أن تحدد هدفك وتقتنص ما يتاح أمامك من فرص؛ فهما سمتان يتحلى بهما الإنسان العصري".
 
المعرفة النظرية لا تكفي
إن دخول التكنولوجيا وتسللها لكل مناحي حياتنا يفرض علينا اليوم التكيف مع هذا التطور، وإلا سيوصف من لا يأخذ بها بـ "الأميّ". لم يشك سرحان بهذا، وأيقن أن التلكؤ في مواكبة التطور مع تسارعه في عالم اليوم، سيباعد الخطو بينه وبين ما يصبو إليه، يقول: "لجأت إلى كل ما هو متاح أمامي من موارد؛ اتجهت إلى المكتبات الرقمية، والدورات التخصصية، والندوات العلمية، حتى تمكنت من اكتساب معرفة عميقة في مجالي الأكاديمي. شاركت في العديد من ورش العمل التي نظمتها الجامعة، والتي كانت تركز على موضوعات حديثة ومهمة في عالم التكنولوجيا وأمن المعلومات. هذه الورش لم تزودني فقط بالمعرفة النظرية، بل منحتني الفرصة لتطبيق ما تعلمته في بيئات عمل حقيقية".
احتكاك وتفاعل
"تَعَلّمْ نصف الوقت وفسّر ما تعلمته في النصف الآخر"، استند علماء النفس إلى دلالة هذه العبارة بهدف ترسيخ المعلومة وجعلها أمراً ممارساً في السلوك المهني. ويؤكد سرحان: "كانت هناك مشاريع عملية كجزء من المنهج الدراسي، عملت مع زملائي على تطوير تطبيقات وحلول برمجية تستجيب لاحتياجات السوق الفعلية. هذه التجارب العملية زودتني بخبرة حقيقية ومهمة، وجعلتني مستعداً لدخول سوق العمل بثقة ومعرفة عميقة. بفضل دعم مستمر من الجامعة، تمكنت من تعزيز مهاراتي وصقلها بشكل دوري، ما ساعدني في بناء مسار مهني ناجح في مجال البرمجة وأمن المعلومات".
شركتي
استطاع سرحان أن ينشئ مشرعه لذي طالما شغل باله، بل يصفه "واحداً من أحلامه"، وكأن لسان حاله يرسل للشباب رسالة مفادها أن "لا يقتصر طموحكم على الوظيفة، فهي (الوظيفة) عبودية تلبس ثوب الحداثة، بل على جيلنا أن يتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك، فالأرض خصبة لتكوين بيئات عمل خاصة في ظل هذه التطورات المتسارعة". واسترسل في حديثه عن شركته: "نتيجة للتدريب المكثف والدعم الذي حصلت عليه من الجامعة، تمكنت من تأسيس شركة
StunsIO Programming & Solutions 
StunsIO Solutions & Programming. هي خطوة أولى في تحقيق أحد أحلامي الكبيرة، أهدف بها إلى تقديم حلول برمجية مبتكرة ومشاريع تتميز بالاحترافية والجودة العالية. ومنذ تأسيسها، ركزت على تنفيذ مشاريع متنوعة تشمل تطوير البرمجيات وتصميم المواقع الإلكترونية وتقديم حلول مخصصة للشركات والأفراد، مستفيداً من المهارات والخبرات التي اكتسبتها في رحلتي العلمية".
وزاد: "شركتي لا تقتصر على تقديم خدمات برمجية تقليدية، بل تسعى أيضاً لتقديم حلول متكاملة تلبي احتياجات العملاء المتنوعة والمتغيرة. نعمل على تطوير تطبيقات مخصصة تتناسب مع متطلبات العملاء الخاصة، ما يعزز من كفاءة أعمالهم ويساهم في تحقيق أهدافهم الاستراتيجية. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بتصميم مواقع إلكترونية مبتكرة تركز على تجربة المستخدم وتضمن حضوراً قوياً للعملاء على الإنترنت".
سفير في الميدان
أي علم لا يترجم إلى عمل ولا اعتراف فيه بفضل الآخرين أو لا ينعكس سلوكاً إيجابياً على النفس ثم على المجتمع، هو علم ناقص وربما ينطوي على أنانية وإفلاس. أما سرحان فترجم سلوكه الإيجابي قولاً وفعلاً: "الدعم الأكاديمي والموارد التعليمية التي قدمتها لي الجامعة كانت أمراً أساسياً في بناء قدراتي التي مكنتني من تأسيس وإدارة شركتي بنجاح. بفضل هذه الموارد، اكتسبت معرفة عميقة في تقنيات البرمجة الحديثة وأفضل الممارسات في مجال تطوير البرمجيات. كما أنني استفدت من الشبكة الواسعة من الزملاء والأساتذة الذين كانوا دائماً على استعداد لتقديم المشورة والدعم. وإن إنشاء شركتي هو بداية الطريق إلى العمل وتنفيذ المشاريع باحترافية، وأتطلع إلى توسيع نطاق أعمالنا والمساهمة في تطوير صناعة البرمجيات في المنطقة".
 
يلخص سرحان متسلسلاً مشواره بكلمات يجمع فيها بين رغبته ورحلته التعليمية ومتطلبات الحياة العصرية ووليده الذي يفتخر به (شركته)، يقول: "رحلتي في عالم البرمجة لم تكن سهلة، بل مليئة بالتحديات والفرص التي ساعدتني في بناء مسيرتي المهنية. لم أكن سوى هاو مفتون بالتكنولوجيا، قبل أن أنتقل إلى مرحلة أصبحت فيها مؤسساً لشركة برمجيات. كانت كل خطوة تحمل دروساً وتجارب قيمة". وتابع: "للجامعة دور محوري في تطوير مهاراتي ومنحي الأدوات اللازمة للنجاح. البيئة التعليمية المرنة والداعمة فيها مكنتني من تحقيق التوازن بين الدراسة والعمل، وساهمت في تحقيق طموحاتي المهنية".
وختم حديثه متضمناً رسالة لجيل اليوم: "أتطلع إلى المستقبل بشغف وحماسة لتحقيق المزيد من النجاحات والمساهمة في تطوير صناعة البرمجيات في منطقتنا. أؤمن بأن التعليم المستمر والممارسة الدؤوبة هما مفتاح النجاح في أي مجال، وخاصة في مجال التكنولوجيا الذي يتطور بسرعة. آمل أن تكون رحلتي مصدر إلهام للآخرين، وأن يدركوا أنه بالإصرار والعزيمة نحقق الأحلام مهما عظمت التحديات".