لماذا يفكر شبابنا بالوظيفة أكثر من إنشاء مشروع ريادي؟


نشر بتاريخ: 26-04-2016

 (الوظيفة بتسترك وإذا ما أغنتك ما بتفقرك) قول شعبي توارثته الأجيال ورسخ في ثقافة جيل باتت الوظيفة أمنيةً تسكن وجدانه منذ الصغر مروراً بمراحل دراسته، ظاناً أن الحصول على وظيفة ما يعد من أقصر الطرق لبناء حياة آمنة مستقرة. وعلى الرغم من التطور الذي شهدته المفاهيم الاقتصادية في ظل انتشار ثقافة السوق الحرة والمبادرة والمخاطرة في الحياة الاقتصادية، فإن تأثير ذلك في الاقتصاد الفلسطيني يبقى محدوداً فيما يتعلق بإقبال الشباب على إقامة المشاريع الاقتصادية الريادية وتفضيلها على الوظيفة.
ويُرجع أ. شاكر جودة (المحاضر في كلية العلوم الإدارية والاقتصادية بجامعة القدس المفتوحة) تفضيل الشباب للوظيفة على المشاريع الريادية إلى ارتفاع منسوب شعورهم بالأمن المتراكم من سنوات الهجرة الطويلة، وتشوه الاقتصاد المحلي المرتبط باقتصاد الاحتلال الذي يؤثر فيه بشكل كبير، ما يرفع من درجة المخاطرة في إنشاء مشاريع ريادية، كما أن نسبة كبيرة من سكان الأراضي المحتلة هي من اللاجئين الذين هاجروا من أراضي 4819م وعاشوا في الضفة وقطاع غزة تحت خط الفقر، ما عزز لديهم ثقافة غرسوها في عقول أبنائهم بأهمية الوظيفة لمن لا يملك رأس مال للنهوض بأوضاعه الاقتصادية.
ويضيف أ. جودة أن ما زاد من رسوخ ثقافة اللجوء إلى الوظيفة تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب إجراءات الاحتلال من حصار وحروب تدميرية، إضافة إلى سياسة وكالة الغوث ومؤسسات المجتمع المدني التي عززت مفهوم الإغاثة بدل مفهوم الاعتماد على الذات وتشجيع المشاريع الريادية لدى الشباب.
ومع أن بيانات البطالة بين الخريجين في قطاع غزة تشير إلى ما نسبته (41%) وفق ما نشره مركز الإحصاء الفلسطيني في آب 2015م، فإن حلم الحصول على وظيفة يبقى مطلب الغالبية من الشباب الفلسطيني.
 وهذا ما أكده أحمد حمدونة (الطالب في كلية التربية بفرع "القدس المفتوحة" في شمال غزة) الذي يرى أن الوظيفة تمثل خط الأمان لحياة مستقرة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المجتمع، وفي ظل انعدام فرص الاستثمار التي تتسم عادة بنسب عالية جداً من المخاطرة.
وعن دور الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في تشجيع مبادرات الأعمال الريادية لدى الشباب، يقول أ. أسلم الشندغلي (أستاذ الاقتصاد بفرع جامعة القدس المفتوحة في شمال غزة) إن كل ما يطرح من مبادرات-سواء أكانت من قبل الحكومة أم مؤسسات القطاع الخاص كالبنوك ومؤسسات الإقراض، بهدف تشجيع الشباب على إنشاء مشاريع ريادية-لا يرقى لمستوى تغيير ثقافة الشباب تجاه تفضيل الوظيفة، بل تقتصر على كونها مبادرات ومشاريع محدودة التأثير في ظل الأعداد الكبيرة من الشباب العاطل من العمل وفي ظل الأوضاع العصيبة التي يمر بها الاقتصاد الفلسطيني.
وعبر مصطفى حنونة (الطالب في كلية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية بفرع القدس المفتوحة في شمال غزة) عن رغبته في إقامة مشروع ريادي في مجال الحاسوب، ولكنه يعدل عن ذلك في كل مرة لغياب التمويل اللازم، ولفرض مؤسسات الإقراض التي ترعى مثل هذه المشاريع فوائد عالية.
ويبقى حلم الظفر بوظيفة ما مطلباً يتمناه كثير من الشباب الخريجين الذين يزداد عددهم عاماً بعد عام، حيث بلغ عددهم في العام الدراسي (2014-2015)، من جامعات غزة على سبيل المثال، (9454) خريجاً من الذكور، و(9371) من الإناث، وفق بيانات وزارة التربية والتعليم العالي.