تحملت المسؤولية بعد استشهاد زوجها فوجدت في "القدس المفتوحة" بيتا ثانيا


نشر بتاريخ: 31-10-2015

سعاد عليان ... الدراسة والعمل معاً تحدٍ من نوع آخر
سعاد عليان التي لها من الشهيد مروان زلوم الطفلتان سجى وإسراء، تعمل الآن موظفة إدارية في مكتب المساعد الأكاديمي في فرع "القدس المفتوحة" بالخليل، بعد أن حازت الشهادة الجامعية الأولى في تخصص الخدمة الاجتماعية عام 2008م.
   وجدت أم سجى في "القدس المفتوحة" بيتاً ثانياً يحتضنها ويدعم صمودها في وجه الأوضاع الصعبة، بخاصة بعد أن غيب التراب زوجها، وحال النهر بينها وبين أهلها الذين يعيشون في الضفة الأخرى، تقول: "إن جامعة القدس المفتوحة حضن رحيم لأسر شهداء فلسطين كافة، هي بيتي الثاني، وأشعر أنني بين إخوتي وأهلي".
   التحقت أم سجى بالجامعة عام (2002/2003م) بُعيد استشهاد زوجها، وعن تسجيلها في الجامعة للدراسة تقول: "كان قرار استكمال دراستي تنفيذٌ لوصية زوجي الشهيد مروان، الذي كان دائماً يلح عليّ بضرورة إكمال تعليمي، فالتحاقي بالجامعة وفاء لرغبته وتطلع إلى النور، خاصة بعد رحيله عني. "القدس المفتوحة" كانت الراعي والحاضن والمقدر لوضعي الاجتماعي والأسري، فذللت أمامي كل الصعوبات التي كانت تواجهني آنذاك، واختارت لي تخصصاً أجد فيه نفسي وأخدم به أبناء بلدي، وسهّلت مواعيد اللقاءات وتعويضها بالتنسيق مع أعضاء هيئة التدريس، وكانت تسهل عليّ إجراءات التسجيل، فضلاً عن المنحة التي قدمتها لي ولكل أبناء الشهداء وأزواجهم".
   أثناء دراستها الجامعية انخرطت أم سجى في الحركة الطلابية، وأضحت عضواً في مجلس اتحاد الطلبة، تقول: "انضممت إلى مجلس اتحاد الطلبة عام 2006م، وأصبحت عضواً ممثلاً عن "فرع الخليل". وقرَّبتني هذه التجربة من حياة الطلبة، وعرَّفتني بمعاناتهم عن قرب، فعمدت-ما استطعت-إلى تقليل الصعوبات والتقرب منهم والاستماع لمشكلاتهم ونشر الوعي بينهم، وبحثت في صفوفهم عن "الحالات الاجتماعية"، وتأمين المساعدات والكتب لكل حالة. ثم إني وضعت تجربتي وتحدياتي أمامهم لعلها تكون أنموذجاً يعزز من صمودهم وإصرارهم وثباتهم على أرض الوطن". 
    تنقلت أم سجى في أكثر من وظيفة، لكن "القدس المفتوحة" كانت المكان الأنسب لها، من هنا تقول: "بعد تخرجي عملت في أكثر من وظيفة، لكنني لم استمر طويلاً، إلى أن فتحت لي الجامعة أبوابها واحتضنتني لأكون موظفة ضمن طاقم العاملين فيها، فضلاً عن أن نظامها الداخلي يتناسب وظروفي الاجتماعية، ويليق بوضعي كزوجة شهيد. نعم كان تعييني في الجامعة بقرار مباشر من أ. د. يونس عمرو رئيس الجامعة، وذلك بعد أشهر قليلة من تخرجي، من هنا كنت أنتمي إلى أسرة كبيرة انطلقت منها طالبةً وعدت إليها زميلة عدد كبير من الموظفين".
     على الصعيد الأسري، فإن الدراسة والعمل معاً تحدٍ ثان بالنسبة لها، تتابع قولها: "لقد كنت في وضع نفسي صعب، أفقد فيه الزوج والأب والأم، وكانت مسؤوليتي كبيرة في تربية ابنتيّ سجى وإسراء، وفي تأمين حياة كريمة لهما، ومساعدتهما في إكمال مسيرتهما التعليمية، وترسيخ التجربة التي عاشتاها مع والدهما في مرحلة مهمة من حياتهما وطفولتهما فترة انتفاضة الأقصى، التي كان لها أثر كبير في رؤية مستقبلية ترسخ فكرة الانتماء للوطن وإكمال الرسالة. كان عليّ أن أؤدي التزاماتي الاجتماعية والأسرية، كل ذلك يتطلب مني السهر والجد والمثابرة من أجل تأدية الأمانة على أكمل وجه".
كان قرار تعيينها في "القدس المفتوحة" خطوة نحو الاستقرار النفسي وتعزيزاً لمكانتها، وهنا تقول: "العمل بالجامعة وفر لي استقلالاً مادياً ساهم في تربية ابنتيّ، وفتح أمامي آفاقاً للتواصل والتعارف مع فئات المجتمع، خاصة مع رفاق زوجي في النضال وعائلاتهم، فشجعتهم على إكمال مسيرتهم التعليمية، ثم إني تواصلت مع عائلات الأسرى، ومع الأسرى المحررين الذين لهم الأثر في الدعم والمساندة والوقوف صفاً واحداً نحو دعم أبنائهم وتنفيذ وصية من سبقونا".
إن دور الجامعة في حياتها لم يقتصر عليها، بل امتد ليشمل ابنتها الكبرى (سجى)، تتابع الأم حديثها: "لم أجد جامعة آمنة على ابنتي، تراعي وضعها، وتقف إلى جانبها في كل أوقات دوامها، كجامعة القدس المفتوحة، ليس هذا فحسب، بل قدمت لها منحة دراسية (منحة ابن الشهيد)، فهي بيت لذوي الشهداء، والداعم والراعي لهم".
   تقول سعاد: "واجب علينا أن نحمل رسالة من سبقونا بأمانة، لنوصلها لمن سوف يأتون من بعدنا، وعلينا أيضاً أن نحمل أرواحنا على أكفنا فداء للوطن، فالجامعة دعمت النضال والتضحية، وهذا جزء من الوفاء للأرض وللشهداء وللأبناء، فهي للعلم مبتغاه وللوطن بيته".