أيا زيتونتنا الشرقية.."أول امرأة فلسطينية تتقلد منصب محافظ، وأول امرأة فلسطينية تشق دروب المستحيل"


نشر بتاريخ: 17-02-2019

 
*أ. عوض مسحل*
لطالما كانت المرأة الفلسطينية حارسة نارنا، وها هي اليوم وقودها وشعلتها. فتلك المرأة الموشحة بالكوفية الرقطاء وبالثوب المطرز منذ صغرها جسدت صورة الأرض الزاهية وترابها المخضب. تقطف النرجس وشقائق النعمان من على صخورها الشامخة، تتنسم هواء نقياً وهي تدندن ترانيم وطنية، تتدلى على أسطح البيوت العتيقة كأهداب الصبح، تجوب الحقول والمروج تقطف حبات الحصرم والليمون وتحمل إبرة صغيرة تحاول أن تحيك خيوط أثواب مطرزة فتغزل ببراءة الطفولة حب الوطن وهي تنتقي ألوان العلم الفلسطيني.
 نمت وترعرعت في كنف أسرة فلسطينية فلاحة مناضلة عرفت درب الثورة والثوار، تلقت تعليمها الأساسي في مدارس قريتها المكسوة بالثوب الفلسطيني العريق، وقبل ذلك تلقت في رياض مدينة القدس أبجديات العلم، ما منحها فرصة التجوال واللهو في أسواقها، فتعلقت روحها هناك، وتشكل سياج حبها الوطني من عظمة سورها وأبوابها ورحابة ساحاتها وقداسة مسجدها وفسيفساء صخرتها، فارتبطت حتى باسمها لتنهي دراستها الجامعية الأولى في جامعة القدس المفتوحة. أنهت أطروحة الدكتوراه في أرض الكنانة تعزيزاً لعروبتها، وقبل ذلك ذاقت صنوف العذاب مع العائلة من قهر الاحتلال وبطشه، تنفست هواء الفجر قبل أن تصعد إلى باصات الصليب الأحمر متجهة إلى زيارة أحد أشقائها في هذا السجن أو ذاك، غير آبهة بعلو تلك الأسوار وضخامة الجدران، تجتاز كل إجراءات التفتيش بقوة وصلابة لينبت بداخلها شغف الحرية وصيرورة التحدي فتتقد شعلة العمل الوطني والتنظيمي بسويدائها أكثر فأكثر.
زيتونة دبوانية شرقية جذعها ثابت وجذورها ضاربة في الأرض حباً وانتماء فأسرج زيتها مصباحاً في كل بيت فلسطيني، كغصن ندي إطلالتها، باسقة في إصرارها وشموخها وهي تحمل الأمل والطموح بوسامة، تتابع كل صغيرة وكبيرة بجلد وابتسامة، تتحسس أمور الناس وتشاركهم الأفراح والأتراح.
لم تترك بيتاً إلا أغدقته بحبها وعلقت على جدرانه صورة لها في مشهد عرفاتي، فكل بيت أسير لها معه حكاية، وكل بيت شهيد ذرفت فيه دموعها بحرقة وألم، تجوب شوارع الوطن وأزقته، تبحث عما يمكنها فعله في سبيل خدمة الناس، وتعلي به شأن الوطن. تحاكي بصدق عملها كل المستحيلات، فعززت مكانة المرأة الفلسطينية بل شكلت حافزاً استثنائياً لهن لخوض غمار كل التجارب واقتحام المنصات كافة، مؤكدة أن الأحلام تكون وقائع بالإرادة والعمل الدؤوب. تعلق بها الصغير والكبير، ولا يستطيع أحد أن يفوت فرصة التقاط صورة معها، ليس تملكاً بل حباً ووفاء، فهي التي لا تفوت فرصة للقاء العامة، فأدخلت السرور في نفوس المحتاجين وعمّرت الصروح.
لا تتخيل أن تذهب إلى مكان من دون أن ترى الابتسامة تعلو وجهها، وإن تصادف أنك لم تجدها وتشعر بخطب ما ستفاجأ بأنها تجوب العالم تحمل علم فلسطين وتجمع الأموال لمستشفى أو مدرسة أو جامعة، تشجع الفلسطينيين المغتربين لرفع راية فلسطين خفاقة وتحمل هموم شعبهم ومساهمتهم في بناء الوطن من خلال استثماراتهم.
عطوفة الدكتورة ليلى غنام، أول امرأة فلسطينية تتقلد منصب محافظ، وأول امرأة فلسطينية تشق دروب المستحيل، وأول امرأة فلسطينية أغدقت قلوبنا بهذا الحب والاحترام، هنيئاً للوطن بك، فنحن كما نحن. أيا زيتونتنا الشرقية، دام عطاؤك الذي لا ينضب.
*مساعد مدير دائرة العلاقات العامة والدولية والإعلام في جامعة القدس المفتوحة