الخصوصية الشخصية لرواد شبكات التواصل الاجتماعي


نشر بتاريخ: 17-02-2019

أ. أكرم عبد الله الخطيب*
 
في السنوات القليلة الماضية كان لشبكات التواصل الاجتماعي مثل (Facebook) و(Twitter) و( Myspace) و(Instagram) و(Twitpic) و(Skype) و(Word Press) و(WhatsApp)، وغيرها على الإنترنت نمواً كبيراً ومتسارعاً في عدد روادها، حيث إنها جذبت إليها الملايين من المستخدمين، ويرجع هذا إلى قدرتها العالية على جذب المستخدمين ودمجهم في تلك التقنيات، وذلك من خلال عنصر التفاعل الاجتماعي وإمكانية الاتصال والتواصل وتبادل الأفكار، والصور، ومقاطع الفيديو، والمدونات، وغيرها من الإمكانيات المتوفرة، وذلك حسب Alessandro Acquisti (2006)، بحيث أصبحت تلك الشبكات جزءاً مهماً في حياتنا اليومية وهامشاً اجتماعياً لممارسة الحريات الشخصية وتبادل الآراء، وأصبحت الفضاء الصغير لاستعراض الذات وإبراز الهوية الشخصية.
تقوم هذه الشبكات بجمع البيانات الشخصية بشكل مفصل عن أوضاع هؤلاء المستخدمين من حيث وضعهم الاجتماعي والصحي والمادي والعلمي والعائلي، وعاداتهم الاجتماعية والسلوكية، ومفضلاتهم ونشاطاتهم، وصورهم الشخصية، إلى جانب تقنيات التخزين والفهرسة والمعالجة والتحليل والربط والاسترجاع فيما بعد، وبهذا يكون المستخدم مراقب على تلك الشبكات. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاوز ذلك بأن تجمع هذه الشبكات أيضاً بيانات مستخدميها باستخدام ميزة تحديد الموقع الجغرافي من خلال تفعيل تلك الميزة، أو أن يقوم شخص ما على تلك الشبكات بتحديد موقعك الجغرافي. وأصبحت تلك المعلومات المدرجة عبر البيانات تستخدم في عمليات النصب والاحتيال والابتزاز عن طريق بيعها أو قرصنتها لأطراف ثالثة بهدف استخدامها في أغراض غير مشروعة، في حين يعتقد البعض أنها العالم المثالي للتفاعل بشكل ودي ولتبادل تفاصيل الحياة اليومية، بينما باتت تلك البيانات عرضة لعيون المتلصصين والمتطفلين التي يشوبها الخبث.
كما أدى هذا التطور الهائل والمتسارع في التكنولوجيا الرقمية إلى تطور هائل لشبكات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى ظهور مشاكل كبيرة، وخصوصاً مع التطور المتسارع في تقنية الهواتف الذكية، بحيث أضحت وبشكل كبير مخاوف جمة من انتهاك خصوصية المستخدمين في هذا العالم الرقمي الذي أنهى خصوصية الفرد في ذلك المجتمع الرقمي من خلال احتفاظ تلك الشبكات بجميع بياناتنا الشخصية وسجلات يومية عن أنشطتنا ومراسلاتنا وصداقاتنا ومفضلاتنا التي تحمل الطابع الشخصي لنا، والتي نقوم بالكشف عنها بشكل إرادي في غالب الأحيان. كما وتصبح تلك البيانات متاحة لمستخدمي تلك الشبكات وبشكل مجاني في غالباً، ما يتيح للآخرين استخدامها بشكل غير مشروع.
ومن هنا، تظهر أهمية الخصوصية في شبكات التواصل الاجتماعي التي تعدّ من أهم الاحتياجات التي يسعى إليها أي مستخدم من حيث الحفاظ على السرية، وتمثل الخصوصية أكثر المشكلات لشبكات التواصل تعقيداً، وهذا ما تسعي إليه أغلب تلك الشبكات، وهذا ما تطرق له قانون المعلوماتية والحريات (Informatique  et  Libertés)  الفرنسي الذي ينص على حماية خصوصية البيانات الشخصية الإلكترونية.
والمشكلة الكبيرة في شبكات التواصل الاجتماعي تتمثل في أن تصل البيانات الشخصية الخاصة بملايين المستخدمين إلى طرف ثالث، وهنا تكمن حماية الخصوصية الشخصية لبيانات المستخدمين من عدمها، من خلال استبعاد البيانات الشخصية للمستخدمين من استخدامها في غرض تجاري أو سياسي، ولكن أمست أغلب شبكات التواصل الاجتماعي هنا ذات توجهات أيديولوجية.
 
وهنا نؤكد أن أفضل السبل لمواجهه تحديات انتهاك خصوصيتنا الشخصية في هذا العالم الرقمي، تتم من خلال حماية بياناتنا الشخصية والحفاظ على خصوصياتها، وذلك باتباع الآتي: 
لا تقنع بالقول السائد (ما عندي شيء مهم لأخفيه)، ومن هنا نؤكد على المطالبة بالحفاظ على بياناتنا الشخصية.
عدم مشاركة الآخرين تفاصيل دقيقة ومهمة عن البيانات الشخصية لنا على شبكات التواصل الاجتماعي.
التجوال في تلك الشبكات من خلال إخفاء الهوية الشخصية بشكل كامل.
تجنب شبكات التواصل ذات السمعة السيئة.
فكر جيداً فيما تقوم بنشره على تلك الشبكات، فهذا مقياس لمدى قابليتك للحفاظ على أسرارك وبياناتك الشخصية.
استخدام برمجيات ومتصفحات آمنة تدعم بروتوكول (SSl) لتشفير البيانات المرسلة باستخدام بروتوكول (https).
احرص على تنصيب برمجيات حماية وبرمجيات مضادة للفيروسات.
احرص على تحديث البرمجيات بشكل دوري.
احذر من النقر على أي رابط يرسل إليك.
لا تجعل تلك الشبكات تؤثر على قيمك الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية والدينية، ولا تجعلها تخلق فيك الفضول فتكون سبيلاً لتفكك المجتمع وخلق التلوث الاجتماعي والثقافي.
مراجعة سجل البيانات الشخصية وضبط إعدادات الحماية الشخصية لبياناتك من وقت لآخر على تلك الشبكات.
انتقاء الأصدقاء الموثوقين ومتابعتهم من فترة لأخرى على تلك الشبكات.
البحث عن مقدمي خدمات شبكات التواصل الاجتماعي الملتزمين بالمعايير الأخلاقية والدولية، لحماية خصوصية البيانات الشخصية لمستخدميهم.
استخدام كلمات سر آمنة وقوية وتغييرها كل فترة زمنية.
المحافظة على تحركاتنا في شبكات التواصل الاجتماعي، لأن كل حركة لنا مسجلة علينا.
مراعاة أن لكل موقع من شبكات التواصل الاجتماعي خصوصيته الخاصة به.
حدث الآخرين عن ضرورة مراعاة أمن المعلومات لهم في شبكات التواصل الاجتماعي.
الاستئذان من الآخرين إن كنت تريد نشر أخبار أو صور تتعلق بهم.
امسح بشكل دائم عمليات التصفح الخاصة بك.
 
وأخيراً، يجب تطوير القوانين الدولية لحماية البيانات الشخصية على الإنترنت بما يتلاءم مع تلك المخاطر المحدقة التي تلاحق خصوصية الأشخاص على شبكات التواصل الاجتماعي وتجريمها.
 
معاً لحماية خصوصياتنا الشخصية 
من الاختراق والقرصنة وللحفاظ على سريتها
*فرع خان يونس