في "القدس المفتوحة"...للأنثى مثل حظ الذكرين!


نشر بتاريخ: 12-08-2017

  (64%) من خريجي الجامعة و(66%) من طلبتها...إناث

*الأغا: "القدس المفتوحة" لعبت دورًا متقدمًا في تمكين المرأة الفلسطينية
*أ. د. النجدي: "القدس المفتوحة" وفرت فرصة لتعليم المرأة في فلسطين لم توفرها مؤسسات أخرى
رام الله-ينابيع- منذ إطلاق خدماتها على أرض الوطن عام 1991م، وجامعة القدس المفتوحة تضع موضوع تمكين المرأة ودعمها على سلم أولوياتها، ويتضح من خلال الأرقام الصادرة عن عمادة القبول والتسجيل والامتحانات في الجامعة أن عدد خريجي الجامعة حتى بداية الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي (2016/2017م) قد بلغ (98601) خريج وخريجة، وتشكل الإناث نحو (64%) من مجمل الخريجين، أي أن عدد الخريجات قد بلغ (63110).
في السياق ذاته، شكلت الإناث نحو (66,4%) من مجمل طلبة الجامعة المنتظمين، إذ بلغ عدد الطلبة (56866) طالبًا، منهم (37768) من الإناث. وتصدرت المرأة المشهد فيما يتعلق بالتفوق الأكاديمي، إذ تشير الأرقام الصادرة عن عمادة القبول والتسجيل والامتحانات إلى أن عدد الطلبة المتفوقين في الجامعة بلغ خلال الفترة نفسها (2138) متفوقًا ومتفوقة، شكلت الإناث ما نسبته (81,8%) من مجمل عدد المتفوقين وبلغ عدد المتفوقات (1749) متفوقة. 
 
لماذا الاهتمام بالمرأة؟
وضعت "القدس المفتوحة" المرأة على سلم أولوياتها، وفي هذا يقول أ. د. سمير النجدي، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية: "المرأة تمثل المجتمع كله؛ فهي نصفه وهي التي تعدّ نصفه الآخر، لذا أولتها الجامعة منذ انطلاقتها الأهمية الكبرى بكل اهتمام ورعاية، وذللت لها الصعوبات من أجل التحاقها بها ورفع ما وقع عليها من إجحاف فيما يخص التعليم في العقود الماضية، إذ لم يكن تعليم الفتاة بوجه عام من جل اهتمامات العائلة الفلسطينية، لهذا نرى الآن أن ما يقارب من ثلثي طلبة الجامعة هن من الإناث". 
وأوضح أ. د. النجدي أن "القدس المفتوحة" اعتنت وما زالت تعنى بتوفير الفرص لتعليم فئات كثيرة ومهمة في المجتمع الفلسطيني، وخاصة تلك التي لم تنل حقها سابقًا في الحصول على فرص متساوية في التعليم لظروف متعددة منها الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو السياسية، وربما تجتمع هذه الأسباب معًا، منوهًا بأن الجامعة بنظامها المرن (المفتوح) وانتشارها الجغرافي (أهم ميزتين للجامعة) وبتدني رسوم الدراسة فيها (مع توفير مساعدات مالية لغير المقتدرين ماليًا) وفر فرصة لتعليم المرأة وتمكينها لم توفرها أي مؤسسة تعليم عال أخرى في فلسطين.
دمج المرأة في عملية التنمية المجتمعية
وعن دور الجامعة في دعم المرأة الفلسطينية وتمكينها، تقول وزيرة شؤون المرأة د. هيفاء الأغا: "بدأت جامعة القدس المفتوحة عملها في فلسطين في العام 1991م كخطوة نضالية للشعب الفلسطيني وبطلب من منظمة التحرير الفلسطينية وانطلاقًا من احتياجات الشعب الفلسطيني للتعليم العالي في ظل أوضاع سكانية صعبة نتيجة لوجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضه واستهدافه شتى المؤسسات فيه، وتحديدًا التعليمية. وفي حينها شكلت الجامعة مساحة مفتوحة أمام كثير من الشباب الفلسطيني الذي لم يُمنح فرصة استكمال تعليمه العالي بسبب أحداث الانتفاضة الأولى من جهة، واستهداف الاحتلال الإسرائيلي للجامعات الفلسطينية في ذلك الوقت، إلا أن أهم ما ساهمت فيه الجامعة حينئذ حتى اللحظة هو منح فرص للإناث لاستكمال تعليمهن والانخراط في سوق العمل وتعزيز دورهن في عملية التنمية المجتمعية، لذا نرى أن نسبة التعليم العالي في صفوف الإناث على مستوى الوطن قد ارتفعت وسجلت تميزًا لفلسطين على مستوى العالم".
ثم تابعت: "تلك الفرص وتلك المساحات لا تعني نسبًا وأرقامًا فقط، إنما تعني دمج الفتيات والنساء في عملية التنمية المجتمعية، فتعليمهن وتمكينهن ومنحهن فرصًا لتغيير واقعهن وأسرهن نحو الأفضل واستثمار طاقاتهن تحتاج لها دولة فلسطين من أجل استكمال مشروع التحرر والبناء". 
وتضيف: "إن لجامعة القدس المفتوحة دورًا لا يمكن إغفاله في تمكين الفتيات والنساء، وعلى وجه الخصوص فقد أسهمت في تنمية معرفة المرأة وتمكينها، إذ إن ما ينوف على (70%) من مجمل عدد طلبة الجامعة من الإناث، وهذا مؤشر مهم يشير إلى أن النساء والفتيات يتوجهن إلى جامعة القدس المفتوحة استجابة للأوضاع الصعبة التي يعشنها".
وتتابع أيضًا: "لقد شجع انتشار فروع جامعة القدس المفتوحة في مختلف المحافظات العائلات الفلسطينية على إرسال الفتيات للالتحاق بالتعليم العالي بسبب القرب المكاني والمساحة الزمنية المناسبة، وتحديدًا في ظل أوضاع أمنية خاصة ناتجة عن الاحتلال وانتهاكاته المستمرة على حرية الحركة والتنقل. ليس هذا فقط، بل نجد أن العديد من الطالبات هن من النساء اللواتي حرمن من استكمال تعليمهن العالي بسبب الزواج في سن مبكرة أو بسبب وضع اقتصادي أو اجتماعي ما، ومن ثم توفرت لهن بيئة تعليمية تتماشى مع واقعهن وتتناسب وأحوالهن، وهذا أمر في غاية الأهمية لانعكاسه على المرأة أولاً وعلى الأسرة بوجه خاص وعلى المجتمع بعامة. فلا شك إذن في أن المرأة المتعلمة أقدر على إدارة أمور حياتها بسبب المعرفة المكتسبة وأكثر تمكينًا لما يتوافر لها من فرص للالتحاق بسوق العمل والانخراط في المجتمع وفي عملية التنمية مستقبلًا". 
وعلى الصعيد ذاته، تقول الأغا: "لا يمكن أن نغفل تجربة حنان الحروب التي فازت بجائزة أفضل معلم على مستوى العالم عبر مبادرتها (لا للعنف في التعليم)، فلو لم توفر لها جامعة القدس المفتوحة الفرصة في استكمال تعليمها العالي لتطلق إبداعاتها لما وقفت على ذلك المسرح العالمي ملهمة آلاف المعلمات والمعلمين في شتى أنحاء العالم. وشاءت الله أن تترشح معلمة أخرى خريجة في جامعة القدس المفتوحة وهي سوزان أبو صالح من قلقيلية للمشاركة في الجائزة ذاتها للعام المقبل".
وتبيّن: "تشكل جامعة القدس المفتوحة جسرًا نحو إطلاق تميز المرأة الفلسطينية وإبداعاتها، عبر تشجيع الطالبات في الجامعة للمشاركة في مسابقات وطنية وعربية ودولية. إن توجه الجامعة ذاك أسهم في عكس الصورة الحقيقية لقدرات المرأة الفلسطينية وإبداعاتها، فقد فازت العديد من الطالبات بمبادرات خلاقة تتحدث عن نفسها وتشير بوضوح إلى الإمكانات الهائلة والطاقات العظيمة للفتيات الفلسطينيات، التي كان آخرها فوز الطالبة جمة أبو الحسن بأفضل مشروع مناخي على مستوى فلسطين، وفوز الطالبة أديان عقل بالمرتبة الأولى في مسابقة الذكاء العقلي على مستوى الوطن العربي، وفوز الطالبة إسراء غيث بجائزة "شريف الشطريت" عن فئة تكنولوجيا المعلومات ببحث تخرج تحت عنوان "النظام الإلكتروني للكشف عن حوادث السير"، وأخيرًا وليس آخرًا ترشح طالبتين لجائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال تطبيق يكشف عن موقع وصورة أي شخص يحاول اختراق هاتفك الخلوي. ونقدر للجامعة أيضًا تعزيزها لمشاركة الطالبات المجتمعية والسياسية عبر ما تنفذه من نشاطات داخل حرمها".
تبين الوزيرة أن التحاق النساء والفتيات بجامعة القدس المفتوحة وفر مساحة لدمجهن في النشاطات المجتمعية والتنظيمية المختلفة، الأمر الذي عزز مشاركتهن الاجتماعية والسياسية سواء عبر النشاطات التي تنفذها الجامعة أو عبر انتخابات مجالس الطلبة فيها. وقد تميزت الفتيات بالانخراط في مثل هذه الأنشطة عبر المبادرات العديدة التي قادتها، بالإضافة إلى أن برنامج العمل التطوعي في الجامعة زاد من حس المشاركة المجتمعية لديهن، وعزز من مشاركتهن في المؤسسات والنشاطات الوطنية والمجتمعية المختلفة. 
تضيف: "في إطار عملها، سعت الجامعة إلى بناء شراكات وتنفيذ ورش عمل ومؤتمرات متخصصة في إطار تعميم قضايا النوع الاجتماعي وتعزيز دور المرأة ومكانتها في المجتمع الفلسطيني. فقد طورت الجامعة شراكات مع العديد من المؤسسات النسوية الحكومية والأهلية من أجل تعزيز دور النساء في إطار مناهضة العنف والتمييز ضدهن، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مذكرة التفاهم التي وقّعت مع وزارة شؤون المرأة وعلى غرارها عقد مؤتمر "أوراق نسوية" في آذار الماضي بهدف مراجعة السياسات الوطنية وتطويرها لحماية النساء. كذلك نفذت الجامعة نشاطات وبرامج عديدة مع مؤسسات المجتمع المدني، منها برنامج تعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات وفي عملية التحول الديمقراطي مع جمعية المرأة العاملة، كذلك مؤتمرها الهام حول المرأة ذات الإعاقة في فلسطين: واقع وتحديات". 
وتذكر الوزيرة الأغا أن الجامعة تمكنت من رفع القدرات في مجال قضايا النوع الاجتماعي، حيث دمجت طلبتها ذكورًا وإناثًا في تدريبات متخصصة ذات علاقة بقضايا النوع الاجتماعي، وكان منها النوع الاجتماعي، وقضايا المرأة مع جمعية "نساء من أجل الحياة" في سلفيت، ما أسهم في تغيير الصورة النمطية لدى الطلبة عن واقع المرأة وقضايا العنف.
وتمكنت الجامعة-وفق ما ترى-من تغيير الصورة النمطية وزيادة حساسية المجتمع تجاه قضايا النوع الاجتماعي، تقول الأغا: "أطلقت الجامعة فضائية القدس التعليمية، التي من خلال برامجها تتناول قضايا عدة مرتبطة بقضايا النوع الاجتماعي وحقوق المرأة، فنجحت في تقديم برامج خارج الإطار التقليدي، فكلما زاد الحوار قل العنف". 
تبين د. الأغا أن الجامعة توجهت نحو فتح تخصص جديد خاص بالنوع الاجتماعي وقضايا المرأة، ما يؤكد اهتمامها بتعزيز ثقافة تمكين المرأة، وهذا يسهم في تخريج جنود يؤمنون بحقوق المرأة ويعززون دورها ومكانتها في المجتمع وفي عملية التنمية الفلسطينية مستقبلًا. 
وفيما يخص الحركة الأسيرة، تقول الأغا: "إطلاق الجامعة برنامج توفير التعليم للأسرى داخل سجون الاحتلال يشكل التفاتة مهمة نحو حقوقهم، وتحديدًا الأسيرات، بل إن هذا يسهم حتمًا في دعم نضالهن ضد الاحتلال داخل السجون، ويواجه حرمانهن من التعليم بسبب الاعتقال، ويؤمّن فرص اندماجهن في عملية التنمية بمجرد تحررهن من الاعتقال".
وتضيف: "إن دور المؤسسات الأكاديمية في الدول كافة هو دور أساسي وحيوي اتجاه إحداث التغيير والتأثير في الثقافات نحو تنمية مستدامة تشمل جميع الفئات وبمساهمة شتى قطاعات المجتمع، وعليه فإن دور جامعة القدس المفتوحة وغيرها من الكليات والجامعات الفلسطينية سيسهم في تعميق قضايا النوع الاجتماعي وتأهيل الخريجين (أعضاء المجتمع المستقبلي) للعمل على تعزيز تلك القضايا وتعميمها".
إن جهود جامعة القدس المفتوحة كثيرة ومهمة، وستنجح حتمًا في إحداث التغيير، ولهذا تتطلع وزارة شؤون المرأة إلى تعزيز شراكتها مع هذا الجسم الوطني الكبير من أجل حقوقٍ أكثرَ للنساء الفلسطينيات وأدوار مختلفة لفتياتنا من أجل ببناء مستقبلنا العتيد".
نسبة الإناث بين العاملين في الجامعة
تحتل المرأة العاملة مكانة مرموقة في جامعة القدس المفتوحة، إذ تبلغ نسبة الإناث العاملات في الكادرين الإداري والأكاديمي نحو (27%) من مجمل العاملين، وهي نسبة عالية إذا ما قورنت مع الجامعات الفلسطينية الأخرى.
ويقول أ. طارق المبروك مدير دائرة الشؤون البشرية في "القدس المفتوحة"، إن المرأة العاملة في الجامعة تحظى باهتمام كبير من قبل إدارة الجامعة التي تحترم المرأة وتؤمن بأنها شريكة للرجل في بناء الوطن.
وأشار إلى أن المعيار الذي تتبعه الجامعة عند التوظيف هو الكفاءة والخبرة بغض النظر عن الجنس إلا في بعض الوظائف التي تتطلب طبيعة العمل وجود ذكور أو إناث، مبينًا أن الجامعة ملتزمة بتطبيق
أنظمتها الداخلية التي ترفع من شأن المرأة وتصون حقوقها، بالإضافة إلى تطبيق قانون العمل الذي يؤكد حقها.